السبت، 30 أغسطس 2014

تداعي خواطر عولمية: تجسس. تنصت. اختراق !


mahafatah2000@hotmail.com مـها عبدالفـتاح

 لا القيل والقال والذم والنم في المدة الاخيرة وراء السطور التالية ولا برنامج الصندوق الاسود لصاحبه أ. عبد الرحيم علي فما نحن بالمقارنة الا - سنة أولي - تنصت واختراق بالمقارنة بالامريكان وحقوق الانسان وزيجة الديموقراطية التي طلبت منهم الطلاق !

صدق أو لا تصدق أنها المصادفة البحتة وراء هذه السطور، عندما تعثرت فيما يبدو رؤية ثاقبة لابد وتدهش كيف استطاع كاتبها اختراق المستقبل بهذا النحو العجيب ! النص التالي كتبه أحد أكبر العقول السياسية في الولايات المتحدة زيجنيو برجنسكي علي عهد ما كان مستشارا للأمن القومي مع جيمي كارتر، فتوقع أن يؤدي التطور الجاري وقتها في علوم الاتصالات والفضاء أن يحمل في طياته بذورمجتمع سلطوي ويقع تحت قبضة نخبة لا تكبحها قيم ولا مبادئ تقليدية ولا متوارثة بل زمن يتوقع أن يأتي ليجد فيه المواطن الأمريكي أن له ملفا خاصا به ومكتمل المعلومات يشمل أدق تفاصيل حياته ليكون تحت تصرف السلطات وقتما تشاء !!

كتب برجنسكي هذه العبارات واحبس أنفاسك: في عام 1970 !! ثم وجد من ينشرها هذه الآونة !

 وكأنها النبوءة أو الرؤية الثاقبة واخترقت حجب المستقبل.. أم تري قد بدأوا  اعداد العدة ليومنا هذا منذ ذلك الحين ؟!

 ما كتبه برجنسكي ينطبق تماما علي ما كشف عنه ادوارد سنودون بعد ذلك بنحو اربعين عاما أو يزيد ؟!

 ما كشفه سنودون ــ اللاجيء السياسي لدي روسيا حاليا ـــ والموظف السابق لدي وكالة الأمن القومي الأمريكي، كشف للعالم عمليات التجسس الجماعي التي تقوم بها أمريكا علي مستوي الدول جميعها أو معظمها ومنها ــ يا للعجب ــ دول حليفة وصديقة لامريكا !

 أخطر ما أدت اليه وثائق سنودون تغييره مفهومنا عن العصر الذي نعيشه بنحو غير مسبوق أصاب حتي الخبراء في علوم الاتصالات الفضائية والاكترونية بمايشبه الصدمة !

فقدكشف الركن الركين لنظم المراقبة والتجسس التي نشأت كما فهمنا في عام 2007... فلما جاء عهد اوباما في 2009 تم اعداد البرنامج ( بريزم) الذي كما وكأنه كلمة السر: افتح يا سمسم فاذا الأبواب تنفتح بأسرار العالم علي المصراعين ! ! اختار أوباما « وكالة الأمن القومي» وهي الجهاز الأهم والأشد سرية بين سائر أجهزة المخابرات الاخري ( نحو 16 وكالة) لتتولي مهام البرنامج، وقام بتعيين جنرال كيث الكسندر رئيسا للجهاز وبهذا أصبح ذلك الجنرال ( اعتزل هذاالعام ) هو عمليا القائد العام للفضاء الالكتروني !

في 2010 أصبحت أمريكا أول دولة تحقق ــ الهيمنة ــ الفضائية بلا منازع في عالم الاتصالات الفضائية ( سايبر سبيس ).. 2011 وافق الكونجرس رسميا علي تمويل مشروعات تطوير تكنولوجيات اختراق الاتصالات الفضائية.. 2012 اتخذ البنتاجون لأول مرة الخطوات العملية للتنفيذ !

 ثوابت عالمية تغيرت بعدما تبين مدي امكانيات التجسس والتنصت والاختراق للاتصالات والمحادثات والخصوصيات بنحو فاق التصور وتعدي الخيال العلمي !

تجسس وتنصت علي كافة دول وشعوب الارض، بقادتهم وسياساتهم واقتصادياتهم بهدف ادراك كيف يفكرون ويتوجهون ويتطلعون.. بل الواقع الثابت من الوثائق ان التجسس الامريكي تعدي ذلك بكثير جدا ليصل الي عالم البيزنس وهو ما أتاح الابقاء علي الاقتصاد الأمريكي طافيا دون غرق.. هذا غير ان تكون دوما هي المتقدمة ولو بخطوة عن بقية العالم، وفي حالات المنافسة يكون لها السبق وما تبع بامتداد التنصت الي كبار رجال البنوك والزعماء السياسيين الي أن بلغ جموع المواطنين العاديين !!

 من الثوابت التي تغيرت عالميا بعد هذه الوثائق مفهوم الهيمنة الدولية، بمعني مقدرات القوة العالمية ومؤهلات قيادة الأمم وزعامة العالم: اتخذت المواصفات مسوحا اخري !

 بعدما كانت الهيمنة تعد حسب حجم السيطرة علي الأرض ــ والبحر ــ والجو أضيف « سايبر سبيس» وتسيد الموقف بما يعني أن الفضاء الالكتروني الممتد بالشبكات العنكبوتية للاتصالات تغطي الكون، أصبح المجال الأول والأهم لمقومات الهيمنة في هذا العصر المستجد.. لاحظ ان معارك المستقبل

 وحروبه القادمة تدخل في هذا النطاق بل هو مجالها، وكأنما العالم تيقظ فجأة فاكتشف أن الولايات المتحدة قد بادرت واستغلت الشبكة العنكبوتية وفضاء الاتصالات الالكترونية بأنواعه.. فان لم يكن هذا هو التمكين بعينه في القرن الواحد والعشرين فماذا يكون ؟!

بمعني اكثر وضوحا: هذا الفضاء الالكتروني هو ساحة حروب المستقبل !

انما الادعي للعجب حقا ما تدركه من واقع ــ التحالفات الحقيقية ـــ التي تكشفت بنحو غير متوقع بل مذهل؟ تجدهم جميعا من دائرة الكومون ــ ويلث الأنجلو ساكسون: بريطانيا. كندا. أستراليا. نيوزيلندا.. وهو تحالف للعلم لا يخلو من العنصر العسكري، فلا تنسوا للحظة أن عالم سايبر سبيس هذا هو مجال معارك وحروب المستقبل !

 بعد مفاجأة هذا التحالف غير المعلن الذي كان يفترض أنه محجوب، انظر الآن إلي التحالف المعلن لتجد دوله الحليفة رسميا للولايات المتحدة مثل فرنسا وهولندا والدنمارك واسبانيا وايطاليا من الموقعين علي اتفاقيات معها وبرتوكولات شراكة وتعاون في مجال السايبر ذاته وتبادل المعلومات وقد وجدوا أنفسهم تماما خارج السرب ! ولتكتمل حلقات الدهشة ندرك أن ألمانيا وفرنسا من حيث الثقة لدي أمريكا علي قائمة الدرجة الثالثة !

 اذن لو كنت دولة وحليفة للولايات المتحدة فهذا ما لا يضمن لك احترام سيادتك ولا عدم اختراق خصوصياتك، ويكفي تدليلا علي ذلك أن مقر الاتحاد الاوروبي بواشنطون والبعثة بنيويورك والمقر الرئيسي للاتحاد الأوروبي ببروكسل كله مكشوف من فوقهم لتحتهم.. المكالمات مسجلة وأجهزة الكومبيوتر مخترقة والموبايلات والرسائل بكافة نوعياتها مفتوحة!!

هذا ما ادي الي اهتزاز الفكر السياسي الدولي بنحو لم نستشعر تماما حتي الآن أبعاده.. كما لو ان العالم قد استيقظ فجأة من سبات عميق علي زعقة كابوس جاثم: العالم الافتراضي تحول الي واقع مخيف !

 عبرة أخيرة: الولايات المتحدة ومصداقيتها كزعيمة لما يسمونه بالعالم الحر، الحامية لحقوق الانسان والراعية للديموقراطية أصبحت صورتها وحشة قوي. قبيحة وأبيحة وأشد الانتقادات التي توجه اليها من مواطنيها أنها في طريقها الي التحول لدولة بوليسية من الدرجة الاولي !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق