السبت، 16 فبراير 2013

من مقالة سناء البيسي
ليقرأه الجميع

أنام وأقوم دماغي وارمة بأحداث ومشاهد وصور وكلمات سجلتها علي مدي العامين المنصرمين المحتقنين عدسة وجدانية لا إرادية بالغة الحساسية‏,‏ بعضها بدا لي بريئا في ظاهره واتضح فيما بعد خبث طويته‏.
والبعض ما أن وقع نظري عليه, أو استرق إليه السمع, حتي أضاءت اللمبة الحمراء بمدلول خدي لي بالك, وغيره وغيره وغيره, وما كان بمثابة فلاشات مزيفة خبت بمجرد لمعانها, وأحداث تمنيت لو أن تأججها دام وانتشر ليصنع فورة وانتفاضة نشاط وبناء وعمل, وأخري كانت إرهاصاتها منذرة بعنفها القادم المدمر.. وعندما بلغ مؤشر الذاكرة معدل التخمة قررت التخفف من الثقل ـ لاستقبال الجديد ــ ليس بالحذف والتشفير وإنما بالمشاركة وطرحها في دعوة للنقاش آمل أن تضم جميع الأطراف والأطياف فربما علي أرضيتها نلتقي... ومنها ما يلي:
مشهد لن أنساه استشعرت دلالته في الأيام الأولي من ثورة25 يناير عندما اعتلي الإخوان منصة ميدان التحرير مقدمين الشيخ يوسف القرضاوي, المستدعي علي عجل بالطائرة, للخطابة في الجمع الثوري الغفير.. ولمحته.. وائل غنيم.. الشاب اليافع الدمث خبير الإنترنت حيث العالم الذي تدرب فيه شباب الثورة علي الكـلام بالتعليقات المختزلة التي تحولت إلي آراء, والآراء إلي وجهات نظر, والاختلاف في وجهات النظر التي فتحت أبواب النقاش الذي أدي إلي التخطيط لمشروع التغيير, لتنطلق صرخة الغضب التي اختنقت في حناجر الآباء لعقود طويلة.. انطلقت لتخرق جدار الصمت بهدف واثق بقدرته علي تحقيق الشعارات التي حملوها في الميادين الإلكترونية لميادين الواقعية.. و..انتظرنا لنسمع صوت وائل.. مفتاح تفجير بركان غضب الوطن علي منظومة الفساد.. فلنسمع إذن والآن وفي المستهل لصوت الشباب الثائر في ميدان الثورة فوق منصة الثورة.. وانتظرنا وطال الانتظار.. خطوات وائل الغضة المتعثرة الذاهلة لخشونة تعامل الأكتاف والمرافق المدربة التي أقصته بعيدا إلي الخلف.. إلي الحافة.. إلي اللامكان.. لتطرده نهائيا من المشهد الثوري بدفع مبرمج من محتلي المنصة بهدف تكريس مفهوم جديد للثورة لا مكان فيه لوائل وصحبه, وإنما لجماعة أتت مشمرة عن أكمامها وعزمها وهدفها وإمكاناتها وتمكينها مع ابتسامة مطبوعة لا تغيب عنها الشمس للشيخ صفوت حجازي متعهد تنظيم مثل تلك التجمعات الخطابية!
و..رغم وجاهة قضيته وصدق حجته وسلامة منطقه ونقاء سريرته عند اتخاذ خطوته الجريئة الرائدة اللامسبوقة بزيارته لمدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصي ثاني القبلتين في العام الماضي بدعوة من الجانب الأردني وليس الإسرائيلي, بهدف شد أزر الإخوة الفلسطينيين المقيمين هناك تحت نفوذ وذل الاحتلال, فإن الهجمة الشرسة التي قوبل بها الدكتور علي جمعة المفتي الثامن عشر للبلاد, والتي فتحت عليه أبواب جهنم ونوافذها ومساراتها ودهاليزها, وضعته في مشهد لن أنساه ولم أكن أبدا أتمناه, عندما جلس الشيخ المهيب الجليل الشجاع كالتلميذ المذنب المدان أمام أحد مذيعي نشرة الأخبار المبتدئين يتلقي منه دفقات التقريع والاستنكار ولوم اللائمين, فيبرر فعلته للصغير وهو صاحب القامة الكبيرة التي تستفتي لأخذ الرأي النهائي السديد لا التي تقدم الحجج والأعذار والدوافع والنوايا الحسنة!.. و..لينتقم المولي الجبار من ذلك القانون المغرض الكسيح الذي يطيح بكنوز العلم والفكر والاستنارة والعطاء إلي غياهب التهميش وإسدال الستار بحجة بلوغ سن المعاش, وقد صدق قول هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف بأن الطفرة التي حققها الدكتور علي جمعة علي مدي عشر سنوات في موقع مسئولية الإفتاء تجعل مهمة من يأتي بعده مستحيلة!! وما برد نار القلب قليلا هو وقوع الاختيار علي الدكتور شوقي إبراهيم عبدالكريم ليكون المفتي التاسع عشر فتاريخه يقول إنه منحاز للوسطية وغير مرتبط بأي تيار سياسي أو ديني, وأن من بين مؤلفاته عدة كتب في الحقوق السياسية للمرأة المسلمة..
>> ومشهد وطني خالد لشباب الثوار يقفون فيه دروعا بشرية لحماية المتحف المصري وكنوزه التاريخية التي لم تسلم من الاعتداء والسرقة وتحطيم فاترينات القطع الأثرية النادرة التي لا تقدر بمال, حتي أنني حمدت الله علي تراجع مصر حاليا في أوج اضطراباتها السياسية عن المطالبة باسترداد رأس نفرتيني من متحف برلين التي يزورها سنويا هناك أكثر من مليون زائر, خاصة أنه تمثال هش ودقيق ورقيق للغاية ولا يحتمل ذرة من عنف أو لمسة من جهل, وموضوع لحمايته داخل صندوق زجاجي في نهاية ممر طويل تحت ضوء خاص مفلتر لا يترك لوقعه تأثيرا أو عطبا علي مر السنين, وقد بلغ من تقدير الألمان للرأس التاريخي أن أقاموا له هذا الأسبوع معرضا ضخما في برلين بمناسبة الذكري المئوية لاكتشافه علي يد عالم الآثار الألماني لودفينج بورجارت في6 ديسمبر1912, وحتي لا نعاود ـ من بعد الإفاقة من مشاكلنا ـ المطالبة باسترداد أشهر عمل فني في العالم يعود إلي3400 عام يظهر وجه امرأة من بعد لوحة الموناليزا لـليوناردو دافينشي فقد صرح وزير الثقافة الألماني برند نيومان ــ لغلق الباب أمامنا ـ خلال افتتاح المعرض الذي يحمل عنوان في ضوء العمارنة بقوله: هناك أعمال تنتمي للبشرية جمعاء ونفرتيتي علي رأس هذه الأعمال, إلي جانب أن لدينا الوثائق التي تثبت شراء بروسيا ـ التي كانت ألمانيا جزءا منها ــ للتمثال النصفي لنفرتيتي صاحبة عيون حجر الكوارتز الموحي بالحياة, والأنف الدقيق المستقيم, والابتسامة الأنثوية الغامضة, والرقبة المثالية الشامخة, والتاج الأزرق المزين بالإطار الذهبي والرمادي والأحمر.. نفرتيتي زوجة إخناتون فرعون التوحيد الذي نادي بعبادة إخناتون وترك لزوجته مهمة القيادة السياسية النافذة في البلاد!
>> وهل يستطيع المشهد المتدني الذي صفع ناظري هذا الشهر في مدينة الأقصر ألا يؤرق منامي وينكد علي أيامي ويؤجج استيائي ودعائي علي كل من كان السبب فيما جري ويجري لها من عذاب وخراب.. السبب في تنحية اللواء سمير فرج محافظ الأقصر السابق من كان يعمل علي نهضتها وإخراج كباشها التاريخية من ظلمات الدفن الأبدي لتتويجها درة المدائن الأثرية علي مستوي العالم.. رأيت وليتني ما رأيت.. شاهدت وليتني ما نظرت علي ضفاف الشاطئ الأسطوري ذلك الطابور البائس المهان من الفنادق العائمة التي تنعي من أرساها, ومن قيدها, ومن كبلها, ومن كهنها, ومن خيبها وخبلها وخربها, ومن أحالها إلي المعاش في زهرة شبابها وعطائها وقد هجرها سائحوها لينخر العطن في قاعها, ويمرح السوس في هياكلها, وتسرح الجرذان والثعابين في ممراتها, ويتمشي الصدأ في محركاتها, وينشر من حولها روائح تزكم الأنوف وتستقطب الأوبئة.. وفي الليلة الليلاء كي يكتمل المشهد المأساوي في رحاب قلعة التاريخ ترتفع في ساحة الكرنك ألسنة الحريق.. أي والله الحريق في مخلفات وأعشاب مهملة.. الحريق الذي ترك بصماته السوداء فوق الآثار في غياب الصوت والضوء والحضارة لتتردد بين أعمدة التاريخ أنات عبدالوهاب:
أين يا أطلال جند الغالب
أين آمون وصوت الراهب؟!!
>> وعندما سجلت عدسة الذاكرة مشاهد احتفالات الربيع العربي في تونس وليبيا واليمن والقاهرة, ومن قبل مع ثورة العراق, عاد الشريط يسجل مرة أخري وأخري أوجاع ما بعد الانتصار ورحيل النظام, لتبزغ علي الشاشة أسئلة عويصة منها: هل كان القذافي مشكلة ليبيا الوحيدة؟! ولماذا لم تنجح ثورتها حتي الآن في الإقلاع نحو المستقبل المرجو لشعبها؟ وهل كان الليبيون حقا قد فوجئوا بالانفجار الذي أطاح بالنظام قبل استكمال استعدادهم لمواجهة الفراغ الذي خلفه المستبد صاحب الكتاب الأخضر والتقويم الأحول والعين الحمراء من كان مـمسكا بكل الخيوط والأوردة والشرايين ومنابع الثروة وتلابيب الماء والهواء؟!!.. وإذا ما كان علي عبدالله صالح هو المشكلة الوحيدة في اليمن فلماذا لم تقم حتي الآن ديمقراطية حقيقية في ربوعها رغم ما يؤكده عبدربه منصور رئيسها الجديد في ذكري ثورتها الثانية في أول فبراير بأن القادم سيكون أفضل؟!.. وهل يمكن القول الآن بأن ما تشهده تونس من تمزقات في مدنها وشوارعها, واغتيالات لرموز معارضتها البارزين مثل شكري بلعيد ـ بسبب فتوي إهدار دم المعارض للنظام الحاكم من قبل شيخ لا يؤمن بثورة ولا بعدالة ولا إنسانية ـ يعكس أنها جاهزة بالفعل للديمقراطية التي نادي بها ثوارها منذ عامين؟!.. وإذا ما صدقنا بأن مبارك ونظامه كان مشكلة الوطن الكبيسة, فهل يمكن إعطاء التفويض الكامل علي بياض لتلاميذ سنة أولي كي جي وان لقيادة مصر حضارة السبعة آلاف عام؟!.. وهل يمكن لسوريا من بعد زوال بشار الطاغية ونهاية مشاهد بحور الدماء والخراب أن ترفل في نعيم الديمقراطية وسط طحالب الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية وتدمير البنية التحتية؟!.. ثم لماذا من بعد القضاء علي صدام ونظامه يظل العراق غارقا في النزاعات والعنف وجميع أوجه الفساد؟!!.. إن جميع المشاهد والشواهد علي أرض الطبيعة والتي سجلتها الذاكرة, تقول إن الوصول إلي مقاعد الحكم يكشف العورات, ويفضح هشاشة عظام أصحابها وتأرجح قراراتهم التي تقود إلي خيبة ما بعدها خيبة!!
>> وتحتل شاشة الذاكرة طوابير المصريات الصامدات للنهاية في طرقات المدن والمحافظات لساعات تحت الشمس الوالعة ورخات المطر والمرور الخانق في عنق الزجاجة عند الوصول الأخير في اللجان لنقطة الإدلاء بالصوت, والصراع للخروج بأصبع مغموس بالحبر الأسود والأحمر يشهرنه في وجه العدسات دليلا علي تحقيق المراد, لتظهر حجم الكتلة التصويتية النسائية المؤثرة في الانتخابات والتي بلغ قوامها23 مليون ناخبة في قوائم الناخبين المسجلين, وهي الكتلة التي يخطب ودها جميع الأطراف السياسية سعيا لجذبها والاستحواذ علي صوتها المؤثر.. الكتلة التي كانت قد بدأت تعد عدتها لإدراج اسمها في القوائم الانتخابية مع قانون الانتخابات الجديد, لكنها فوجئت بجيوش الظلام تعمل علي وأد محاولتها وتهميشها من تلك القوائم, ثم التحرش بها داخل صفوف التظاهر لتحجيم وجودها الذي يزعج أعضاء في قلوبهم مرض ويخيفهم ويشعرهم بأنهم متساوون معها في القدرات والطاقات والملكات, بل واكتشافهم أنها تفوق الكثير منهم ذكاء وقدرة ومهارة!.. لكنني وشهادة الحق قد أزعجني مشهد أكثر من ضيفة في البرنامج الحواري للمذيع المتفرد وائل الإبراشي وهن يخرجن في خاتمة الحوار من حقائبهن مطاوي وصواعق مهددات ومكشرات عن أنيابهن ومغلظات بالأيمان المزلزلة بردع كل من تسول له نفسه التحرش بإحداهن وخللي السلاح صاحي.. و..ازدردت غصة القول بأن كيدهن عظيم!!
>> ووجدت في جعبة الذكري كلمات ليست كالكلمات للشاعر أدونيس المتابع لآلام وأحلام الوطن العربي في قوله بعد الانتخابات الدستورية في مصر: مصر, من جديد في زنزانة القرون الوسطي: اجتماعيا وسياسيا وثقافيا..
كارثي أن تنضم مصر إلي المسيرة السياسية التركية, كما يخطط هؤلاء. فتركيا الآن( تجاهد) لكي تتخلي عن كونها وطنا تعدديا, وتتقلص في( مذهبية أحادية). وهي لذلك( تجاهد) للقضاء علي أهم إنجاز ثقافي اجتماعي في تاريخها كله: العلمنة التي حققها كمال أتاتورك, وأتاحت لها أن تكون جزءا من( حداثة) العالم
إنهم يديرون وجه مصر إلي الوراء, فيما تتجه إلي الأمام وجوه البلدان في العالم كله
قد تكون كلمة( نعم) في بعض اللحظات أكثر الكلمات قبحا في اللغة
ما أكثر في عالمنا الراهن من تلك الحروب التي لا ينتصر فيها إلا الذين يجب أن ينكسروا
الإنسان هو الغاية, وكل شيء من أجله. الدين نفسه وجد من أجل الإنسان
في هذا العالم العربي: الإنسان هو الأدني قيمة بين جميع الأشياء
أنظمة يجب أن تنتهي, ثورات قائمة منذ فترة, لكنها لم تبدأ بعد
السر في وحدة الشعب الياباني, علي الرغم من تناقضاته, يكمن في تقاليده الحربية القديمة التي تنص علي أن العمل الأول الذي يقوم به المنتصر هو الانحناء أمام المنهزم تحية له
أما نحن في الوطن العربي نمارس ما يناقض ذلك تماما فتراثنا يميل إلي مفهوم الإبادة.. إبادة المنهزم بشكل أو بآخر: إما أنت أو أنا.. تراث ضد الإنسان
ومشاهد تراكمت علي مدي عامين تدور خاطفة علي شاشة الذكري وإن كان بعض منها بالغ البطء, وكأنه لن ينقضي أبد الدهر.. ومن علي الجانبين يبرز: مشهد جثمان البابا شنودة جالسا من بعد صعود روحه للرفيق الأعلي فوق منصته البابوية بكامل هيئته الدينية وملابسه المطرزة وتاجه المرصع ممسكا بعصاته الموحية بينما التراتيل الكنسية تدور من حوله ووفود المعزين الزاحفة تلقي عليه نظرتها الأخيرة.. و..مشهد عصام شرف أول رئيس وزراء مصري يحمله الميدان فوق الأكتاف لبلوغ المنصة ليطالعنا بوجهه الحيادي الطيب, وبعدها بشهور معدودات تهبط به الهتافات المعادية للأرض فيعطينا ظهره الطيب الحيادي, ويذهب لممارسة حياته الطبيعية وتناول ساندوتشات فول الإفطار عند نعمة يوم الإجازة مع الأنجال.. و..لقطة للدكتور كمال الجنزوري نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ــ الذي تجول بوزرائه للاجتماع بهم في أكثر من مبني بعدما أغلقت الاعتصامات السلمية بوابة مبناه الرئيسي ــ وهو يميل علي رأس الوزيرة المخضرمة دينامو التعاون الدولي فايزة أبوالنجا ــ التي تكمل مظهر أناقتها علي الدوام بشال فوق الكتف الشمال ــ يطبع فوقها قبلة الامتنان والشكر لعملها الدءوب الفعال في خضم فترة عبوره أرض المحن والأشواك وصلف مجلس الشعب والنواب, لشاطئ الهدوء والراحة والتحرر من المسئولية الجسيمة التي ألقيت علي عاتقه فكان قدها.. و..مشهد الرئيس محمد مرسي في الميدان فاتحا صدره, وبعدها بشهور رافعا أسوار الاتحادية من حوله لعنان السماء.. و..لقطة متسللة لأقدام طاقم حراسة الرئاسة المسرعين بجواربهم للحاق بركب التوديع بعد صلاة الجمعة دون أن يجدوا لديهم وقتا لارتداء الأحذية.. و..صورة أم كلثوم لأول مرة بالنقاب في ميدان الثورة بمدينة المنصورة.. و..مشهد صاخب للمونولوجست سعد الصغير قادما علي رأس مظاهرة شعبية ضخمة لترشيح نفسه رئيسا للجمهورية, ومبارك خلف القضبان وفوق السرير, وجميع الأوسمة والنياشين منحها الرئيس مرسي لنفسه بينما أعطي المشير طنطاوي والفريق عنان قلادة وأحمدي نجاد وأردوغان كل واحد نيشان, وشماعات ملابس البالات الجاهزة تسد منافذ جميع الميادين والشوارع والساحات في وسط البلد, وتغلق النوافذ علي مرضي مستشفي الجلاء اعتمادا علي أنه بكل مستشفي ولادة بالذات تتوفر أجهزة التنفس الصناعي لزوم الطلق, والحلابسة تباع فوق الكوبري والشيشة والعرقسوس والذرة المشوي والبليلة والشاي والبطاطا السخنة من تحته.. و..لقطة للثوار يكنسون فيها الميدان ويطلون الأرصفة, والمشير طنطاوي في شارع سليمان يحادث المارة بالملابس المدنية, والقذافي مطلا من شرفته العلوية علي الثوار هاتفا: من أنتم؟! وفي تونس هز بن علي رأسه قائلا فهمتكم ومضي, واجتماع فرمونت الذي ضم أعضاء كانوا علي سبيل المفاجأة الكبري, وعشرات المشاهد المتكررة لاجتماعات المسئولين مع أبناء سيناء القادمين للاستفسار عن صحيح القرار, والخواجات المتهمون المتوجهون لأرض المطار تصحبهم السلامة والغنامة بينما نفس تهمة التمويل الأجنبي موجهة لمصرين واقفين بالكلبشات في نفس التوقيت داخل القفص.. وعربية علي الزراعية خرجت عن حدود الأدب, وعملية جراحية تجميلية أخذت من الصحف صفحات, ومطربة شابة بالحمالات أطربت في عين العدو في البلد السياحي أصحاب الجنة مكفرو الكفار.. و..لقطات لحشود يتباين مظهرها ومخبرها وهتافاتها ولافتاتها, بعضها بذقون حول المحكمة الدستورية وقسم الدقي ومدينة الإنتاج الإعلامي المميزة بذبائحها ودورات مياهها وهجوم أغانيها المنصب علي المستشارة تهاني الجبالي, والبعض له طابعه الخاص المميز حيث يفط وينط في قفزات رياضية جماعية مدروسة ومقننة مطالبا بالثأر, والبعض يرتدي أقنعة سوداء ممنوعة بقرار من النائب العام قاموا ببلها وشرب مائها, وغيرهم ضباط وعساكر ميري يقومون للمرة الأولي في تاريخهم بالإضراب, ولقطات لضباط غاضبين من أجل حرية لحاهم التي طالت لحيز البطون في انتظار الإفراج عنها وصدور قرار بدخولهم أندية الضباط إلي جانب المنقبات.. ولقطة لطفل الخامسة حامـلا في عبه ثلاث زجاجات مولوتوف قافزا في الهواء ببهلوانية مدربة لتلقي قنبلة مسيلة للدموع قبل انفجارها, ومسلسل من عدة صور لعرض استربتيز لعباءات الكباسين ورياضة السحل عريا علي أرض براح يبرمها المسحول مرتاح.. وثلاث صور شخصية الأولي للنائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود الرافض لمنصب سفيرنا في الفاتيكان, والثانية للمستشار أحمد مكي نائب رئيس الجمهورية السابق المتوجه بكامل الرضا لشغل منصب سفير مصر في الفاتيكان, والثالثة للبابا بنديكت السادس عشر الذي استقال في حدث غير مسبوق منذ600 عام من منصب بابا الفاتيكان!!.. ولقطتين لمحيط الاتحادية المصاب بالانفصام لا يفرق بين زمانهما سوي سواد الليل, الأولي مدججة بالسلاح والخرطوش والخيام والجبن النستو والونش وحفلات السحل والقهر والضرب والقمع والغازات والطلقات والمدرعات والكر والفر وسباب حوائط القصر وجهنم الحمراء, والثانية مع صحوة الصباح المشرق الصداح والنظافة والهدوء التام والوئام ومسيرات الهويني لأعضاء نادي هليوبوليس بالتريننج لمزاولة رياضة المشي في التراك والدردشة علي مقاعد الكروكيه والسباحة في بسين المياه الدافئة, والأنجال مع مدرب التنس في الملعب أو مع الدادات الإفريقيات علي المراجيح في حديقة الأطفال, وبالنسبة لدوران حوائط الجمهوري فقد عادت لبريقها مع الطلاء المتأهب في الحال.. و..منصة جنود شاغرة علي الحدود من فرقة الأبناء الذين تناولوا طعام الإفطار في الشهر الكريم رغم تأخر انطلاق المدفع تجاههم ليبيدهم عن آخرهم.. بعدها بلحظات!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق