الأحد، 4 مارس 2012

الألم..................لأحمد عصمت


 الألم
شاء من شاء وأبى من أبى مصر دولة ذات تاريخ وحضارة ذات جغرافيا.. ولكن دولة فقيرة الموارد ..سيئت ادارتها من منظرونا لاسباب لا نعرف إلا خمسها فقط ..أدت لاحتجاجات واسعة .. دعمها الجيش في سبيل حسم مرحلة حكم الرئيس السابق بطريقة غير ما أريد لها .. ثار الشعب المصري الذي لا يثور .. وقف الجيش في المشهد التحريري كحامي .. ولكن في المشهد الدولي الأمر كان له معنى أخر..

تتمتع الولايات المتحدة بامكانيات فائقة .. استخباراتية .. دبلوماسية .. اقتصادية تمتعها برفاهية الاتصال بجميع الأطراف المعنية بأي عملية تغيير سياسي ثوري في العالم .. لها تراث واسع في أمريكا الجنوبية وأقاصي أسيا والاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية .. ودول الربيع العربي .. فلسفتها بسيطة .. انها تدعم المنتصر في اللقطة قبل الأخيرة من الثورة ..

احتفظت الولايات المتحدة باتصالات قوية مباشرة مع الاخوان المسلمين منذ 2002.. دعمت الاصوات الداعية للديموقراطية بكافة السبل- دفع 70 مليون دولار فيما قبل تنحي الرئيس السابق ..وبالطبع .. صلتها الامنية والعسكرية والتنسيقية بالمؤسسة العسكرية ..

ما فعله الرئيس السابق وهو على رأس نظام تٌزهَق روحه هو المهاره بعينها .. لعبة أتقنها على مدار عقود .. وهي كيف أن تضع الخصوم على حبل مشدود فوق جهنم .. النجاة في التعاون والتكامل والاتزان .. وليذهب الفاشله للجحيم ..

تنازل الرئيس السابق للمجلس العسكري .. لادارة شئون البلاد .. بينما كان في امكانه الانتقاء من بين عدة خيارات أخرى ..دأب المحتشدون التحريريون على طلبها .. مجالس رئاسية .. لجان رئاسية .. عدة كيانات همايونية ما أنزل القيوم بها من سلطان .. لا عزم ولا قوة لها الا.. الولايات المتحدة ..

في خلال العقد الماضي .. أقنعت براعة الكوادر الشابة التي انتقتها واحتضنتها ورعتها ونَشَأَتْها وصقلتها الولايات المتحدة بأنهم قادرون على التغيير الفعلي .. أنشأت تلك الكوادر بنيه تحتية اعلامية جهنمية .. من مراسلين ومحررين ومعدين ومصورين .. وزجالين ومهرجين.. وشعبويين وأفاقيين .. وتنظيميين .. وأشباه دبلوماسيين .. وبالطبع حقوقيين ينتمون لجميع الوان الطيف السياسي :الاسلامي التنويري .. اليساري .. الليبرالي .. وربطتهم بمراسلين أجانب في مصر وخارجها .. في تنظيم غاية في الرشاقة لا أنكر..

أنا أرى أن الجيش كخيار حكم في مصر من منظور الولايات المتحدة يأتي في أخر الخيارات .. وفي الواقع أنه ليس خيار للحكم أساسا .. ربما أداة لتعضيض التيار الحاكم بعد استلامه للسلطة بطريقة تشابه الشرعية تعترف به الولايات المتحدة .. للولايات المتحدة صدامات على ارضية السيادة مع المؤسسة العسكرية -شاركت فيها شخصيا- لازال صداها يصدح في أذني..

عموما.. تنحى مبارك بعد ما عمرت الميادين بالملايين .. بقي المجلس العسكري على الحبل المشدود وعينه على هذه الملايين التي انصرفت بعد ايمانها وثفتها في جيشها.

و معه على الحبل أيضا آخر أقوى فصائل المعارضة لنظام الؤئيس السابق -الاخوان المسلمين- ومن ناحية أخرى الاطياف والفرق والجمعات والافراد من راغبي الاصلاح .. كلا القوتين اللتان استمرتا في وضع الاستنفار بعد التنحي ..

المجتمع الدولي قَبِلَ المجلس العسكري ممثلا رسميا كحاكم للبلاد فور اعلانه عن نيته في اجراء تحول ديموقراطي جذري وشرع في تنفيذ ذلك.. 47% من دساتير العالم كتبتها جمعيات تأسيسه منتخبه من المجالس النيابة .. قبل المجلس العسكري ذلك الطرح كنظرية تنتظر اذن الملايين في البيوت لتتحول لخطة عمل .. نجحت الثورة يوم 19 مارس يوم ما اقر الشعب المصري أن رئيسه لايستمر الا لأربعة سنوات .. وان مجلسه النيابي التشريعي تنفذ صلاحيته بعد خمسة سنوات .. وان الصلاحيات الإلهيه للرئيس لا مكان لها ..

اصدرت من القوانين التي تكفي وتزيد لتؤكد للمجتمع الدولي أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية ليس جُونْتَا .. ليس حكم عسكر وذلك بأنه.. انشأ حياة سياسية .. انشأ أحزاب .. شرع لانتخابات .. خطط لها و... نفذها .. حكم عسكري أجرى انتخابات .. تجربة الفريق سوار الذهب في السودان لاتُقَيَّمْ تجربة حكم في الأساس..

ماذا حدث في الاسبوع الماضي .. من ركوع وسجود .. من ذل ومهانة .. من بكاء ونحيب .. اصابني بالحيرة .. اللغط الجاري في اعلامنا الحــــقـــــيـــــر لم أسمع مثيله من الاخوة الليبين الماضين بهمة في طريق تقسيم أراضيهم تحت احتلال من الناتو .. أو من الاخوة اليمنيين ومفاوضات توسيع القاعدة العسكرية الأمريكية في جزيرة سقطري جاريه بهمة .. ولا من الاخوة التونسيين بعد أخبار تطايرت لتعاون عسكري أمريكي تونسي بتقديم تسهيلات عسكرية تونسية للسفن الحربية الامريكية وبالطبع لم ولن نسمع من القطريين ومن شايعهم وبايعهم سؤال حول حقيقة القوة العسكرية الأمريكية في أرض قطر ..

فقط نحن من نحني وننبطح .. ولكني أرى فيما حدث مكاسب لا يقيمها من يقيم الأمور بقلبه ..

أدبيا وقانونيا:

· قننت المنظمات الأربع أوضاعها القانونية طبقا للقوانين المصرية واضعة تمويلها وأوجه صرفها تحت رقابة الحكومة كما جاء على لسان محامي السفارة في مقال النيويورك تايمز أمس. وحسمت مع المسئوليين الأمريكين بنود تقنين مسارات التمويل

· القضية لم تسقط واحيلت لدائرة أخرى في حالة الادانة لن تطأ قدم أحد من المدانين مصر.

· قدوم الجنرال بيتريوس والسناتور ماكين للتفاوض مع خروج المتهمين بكفالة أيا كانت قيمتها.

· استمرار نظر القضية يعضض القضية الأخرى التي بها المنظمات المصرية .. والتي تزامن صمتها عن الفوضى والاعتصامات والاضرابات مع بداية الاجراءات القضائية نحو الأجانب

اقتصاديا:

رفض المجلس العسكري رفضا قاطعا الحل الذي تقدم به سمير رضوان وزير المالية في حكومة عصام شرف بالحصول على قرض من البنك الدولي .. على الرغم أنه سلطه شرعية معترفة بها دوليا .. ولكنها في النهاية مؤقتة وليس من النزاهه الاتزام بقروض طويلة الأجل تأتي على حساب المستقبل .. ذاك المستقبل الذي تأجل حسم قضاياه العالقة شهور حتى ظهور سلطات منتخبة .. بل وقدم مليار دولار دعما للحكومة من عوائد حرب الخليج التي أدارها الجيش على مدى العشرون عاما السابقة .. ادارها بمعنى الاحتفاظ بها وتدويرها واستخدام العوائد في الانفاق على التحديث بشكل تدريجي.. لم يكفي ذلك .. فالاقتصاد المصري يهوي نحو هاوية بلاقرار ..

في الساعات السابقة لخبر السماح بالسفر للمتهمين .. طالعتنا الاخبار بأن السعودية بصدد البدء في الوفاء-مشكروة- بتعهداتها نحو القروض والمنح المحفزة للاقتصاد المصري .. والذي اتضح للأسف أن المنع كان بأوامر عبر الأطلسي .. انصاعت له السعودية .. انحازت له قطر .. نفذه حرفيا البنك الدولي ..

لكن لماذا المرارة التي أشعر بها في حلقي .. واحساس النتن والعطن على جلدي ..!

في الاسبوعين السابقين على الانتخابات البرلمانية دارت أحداث شارع محمد محمود .. أعمال تخريبية ذات صفه عنيفه وصبغة ثورية .. تزامنت مع الفترة الزمنية السابقه على بداية تصويت المصريين في الخارج .. وحيث أدرس وصلتني دعوة على البريد الكتروني الرسمي أرسلها أحد أعضاء الجمعية المصرية للتغيير في الولايات المتحدة باحتلال السفارات المصرية في الخارج في يوم الاقتراع .. جزعت ولكن فور وصلها تعاملت معها كما ينبغي ..

المهم.. أسقط في يدي وأنا أرسم سيناريو الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي قبل 4 شهور من الاطاحة بالقذافي .. راقبت عن كثب ما يجري في محمد محمود .. البرادعي يرسل تغريده بأن المتظاهرين في التحرير يتعرضون لغازات مشله للأعصاب ... وفي نفس الليلة يستضيف يسري فودة .. تميم البرغوثي الذي يقرأ من ورقة طبعها من الموسوعة الرقمية المفتوحة المحتوى المسماة ويكيبيديا بعد أن حررها أحدهم ان الجيش يستخدم غازات محرمة دوليا .. يطلق الاشخاص المفصليين في الشبكة الاعلانية الاعلامية رسائلهم لمراسلين وسياسيين أجانب في داخل وخارج مصر ..يصلي البرادعي الجمعة في التحرير .. يستريح في كنف علاء الأسواني .. يعلنه رئيسا لحكومة انقاذ وطني .. بعدها بيومين يحتل المصريون السفارات في الخارج وتدول عدوى الاعتراف بالمجلس المدني الانتقالي.

ربطت ذلك بتوقيت المنع الحصري المفروض على الجهات والدول المانحة لقروض تحفيز الاقتصاد .. من قبل الولايات المتحدة والذي عرقل الدفعة الثانية من المعونة المقدمة من المملكة العربية السعودية والتي كان من المقرر دمجها لصالح مصر في شهر سبتمبر المنصرم.. وهو ما تحدثت به فيكتوريانولاند ان الولايات المتحدة ملتزمة أيضا بضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي في مصر.. وفي هذا الصدد, وإن الولايات المتحدة تواصل دعم جهود صندوق النقد الدولي من أجل اختتام برنامج الإصلاح وتحقيق الاستقرار الاقتصادي مع مصر, ومازالت علي اتصال وثيق مع الجهات المانحة الأخري بشأن السبل التي يمكن بها مساعدة الاقتصاد المصري.

مارست الولايات المتحدة ضغوط على مصر الدولة وصلت لحد الدمار .. قدمت لمنظمات المجتمع المدني 105 مليون دولار بعد فبراير 2011 ...منح من أموال دافع الضرائب الأمريكي للدفع في اتجاه إنجاع إصدارها الخاص للديموقراطية .. تدفقت هذه الاموال .. عبر الأطلسي ليشترى بها مرتزقة .. واعلاميين .. وسياسيين ..

لم تكن الاجراءات القانونية المتخذه حيال المنظمات فعل .. بل بالكاد رد فعل .. من بلد منهك .. يمسك بتلاتيب التاريخ قدر استطاعته .. بلد صبرت قيادته على فريق من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا دأبوا على خرق السفينة .. بعد أن أيقنوا وأيقنت أنه أمسى بلا مجد ..

مرسلة بواسطة Ahmed Esmat في 01:26 ص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق